لغط الكلوروكين يسبب”فضيحة”
مازال هذا الدواء قاسما للرأي بين تأييد له ومعارض، فبعدما عاد اسم هيدروكسي كلوروكين للواجهة مجددا إثر خروج كبرى المجلات الطبية عن صمتها معلنة أن هناك خللا في البيانات، وأنه يمكن أن يكون للعقار فائدة بمعالجة مرضى فيروس كورونا المستجد، اعتبر بعض التقارير أن ما حدث يشكل فضيحة بحثية.
فمع بداية انتشار الوباء، في ديسمبر/كانون الثاني من العام الماضي، استعمل دواء الملاريا علاجا لكوفيد 19، إلا أن دراسات جديدة نشرت في مجلات طبية مرموقة قالت إنه لا فائدة تذكر من هيدروكسي كلوروكين الأخيرة لمعالجة الجائحة، ما دفع منظمة الصحة العالمية لإيقاف العمل به على الفور ولحقت بها دول كبرى.
هذا ليس جديدا، الجديد يتمثل في سحب أكثر معدي الدراسات الرئيسية المنشورة عبر مجلتي “ذي لانست” و”نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين”، الخميس أعمالهم وتقديمهم اعتذارا رسميا قائلين إنهم لا يستطيعون المضي في تبني هذه النتائج، بعدما رفضت شركة “سورجيسفير” المزودة للبيانات المستخدمة فيها الخضوع للتدقيق، اعتبر أول فضيحة بحثية مرتبطة بوباء كورونا.
وجاء هذا الاعتبار بعدما نشرت دراسة في مجلة “ذي لانست” أحد أكثر المصادر الطبية الموثوقة في العالم، قال معدوها إنها تضمنت تحليلا لبيانات 96 ألفا و32 مريضا أدخلوا إلى 671 مستشفى في ست قارات، وخلصت إلى أن الهيدروكسي كلوروكين لم يظهر أي فعالية في مواجهة الفيروس حتى أنه فاقم خطر الوفاة لدى المرضى.
كما أوضحت تجربة عشوائية نشرت نتائجها، الجمعة، عدم وجود أي أثر لهذا الدواء في التصدي لفيروس كورونا المستجد.
ونتيجة لتلك التجارب وغيرها، علقت منظمة الصحة العالمية وبريطانيا وفرنسا تجارب سريرية كانت تجريها حاليا على هذا الدواء، وذلك بحسب تقرير نشرته وكالة “فرانس برس”.
غير أن الأمور بدأت تنقلب بعدما لاحظ الباحثون ثغرات عدة بينها العدد الهائل من المرضى المشمولين بالدراسة إلى التفاصيل غير الاعتيادية عن الجرعات التي تلقوها.
وقد نشرت “نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين” دراسة عما إذا كانت مميعات الدم تزيد خطر الإصابة بكوفيد-19 بالاعتماد على بيانات للشركة عينها. وقد أبدت هذه المجلة العريقة، شأنها شأن “ذي لانست” شكوكات إزاء هذه الدراسات قبل أن يسحب معدو البحوث توقيعهم على هذه الأعمال.
كما رفضت شركة “سورجيسفير” التي أسسها الجراح سابان ديساي سنة 2007، مشاركة بياناتها مع جهات تدقيق محايدة، قائلة إن هذا الأمر ينتهك الاتفاقيات الخاصة بحماية الخصوصية مع المستشفيات، وعند تواصل موقع “ذي ساينتسيت” المتخصص في الأخبار العلمية مع مستشفيات في أنحاء مختلفة في الولايات المتحدة لسؤالها عما إذا كانت قد شاركت في هذه الدراسة، لم يتلق أي رد إيجابي.
عطلوا حساباتهم
زادت الشكوك حيال “سورجيسفير” بسبب طبيعة وجودها الإلكتروني، إذ إن فئة صغيرة من الموظفين فيها لديهم حسابات عبر شبكة “لينكد إن” للمهنيين كما أن كثيرين منهم عطلوا حساباتهم.
ورأى الصحافي المشرف على موقع “ريتراكشن واتش”، أن هذه القضية ليست مفاجئة وهي تضيء على ثغرات بنيوية في عالم المنشورات العلمية، وفي طريقة نقل العلوم إلى العامة.
وقال “لم يكلف أحدهم عناء الاطلاع عن كثب على البيانات. لكننا نعلم بهذه المسائل منذ عقود”، لافتا إلى ضرورة عدم اعتماد صناع القرار على دراسة واحدة للإبلاغ عن قراراتهم كما حصل مع منظمة الصحة العالمية. كما يتعين على وسائل الإعلام وضع المنشورات العلمية في إطارها الصحيح بدل المبالغة في توصيف أهميتها.
إلى ذلك استبعد أورانسكي أن تغيّر هذه التطورات الأخيرة طريقة العمل في هذا المجال مستقبلا، معتبرا أنه في حال زادت مجلة طبية من التدقيق في بياناتها فإن دراسات أخرى على هذا النحو ستجد طريقها إلى صفحات المنشورات المنافسة.
يذكر أنه وبعد تراجع كبريات المجلات الطبية كـ”نيو إنغلاند، ولانسيت” عن أن دواء هيدروكسي كلوروكوين المضاد للملاريا قد يكون خطرا على مرضى كورونا، أعلنت منظمة الصحة العالمية إعادة التجارب على الدواء فورا، الأمر الذي أحيا الدراسات التي تعتقد أن الدواء مفيد في علاج كوفيد 19 وفقا لصحيفة نيويرك تايمز الأميركية.